تطورت خزانة الملابس المنزلية في السنوات العشر الاخيرة تطورا كبيرا، فبعد ان كانت منتجا شبه نمطي يقدم للمالك دون ان يكون له دور اساسي في تصميمه و اختيار مواصفاته اصبح للمالك اليوم القرار الرئيس في تحديد شكله الخارجي و تنظيمه الداخلي من حيث عدد الادراج و الارفف و نوع أبوابه و مواصفاته و ملحقاته التي قد تشمل الإضاءة الداخلية و الادراج ذاتية الغلق و رفوف للأحذية و ما الى ذلك من مواصفات و ملحقات اصبحت الخزانة المنزلية من خلالها منتجا يتكيف مع احتياجات المستخدم تكيفا يجعل الخزانة اداة تنظيم ذات طاقة استيعابية اكبر بل و يزيد كذلك من جمال المنزل من خلال تصميماتها و الخامات المستخدمة بها. حقا لقد اصبحت خزانة الملابس الحديثة منتجا اكثر تكيفا مع المستخدم و احتياجاته و ذوقه.
و لقد كان تطور الخزانة المنزلية الى منتج يصمم وفق طلب المستخدم و يسوق بشكل تجاري قد بدأ اساسا في الولايات المتحدة في نهاية عقد السبعينيات عندما ابتكر شاب لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره طريقة جديدة لتصميم الخزانة استخدم فيها نظام التعليق الجداري (تماما مثل خزانة المطبخ) و استخدم اجزاءا قياسية لصنعها. فكانت النتيجة توفير في كمية الخامات المستخدمة و تقليص وقت التصنيع و التركيب و بالتالي تقليص كلفة الانتاج. و بالرغم من بساطة هذه الفكرة فقد احدثت ثورة في صناعة الخزانة المنزلية في الولايات التحدة و كندا. و من الطريف ان ذلك الشاب باع سهاما من شركته التي اسماها "كاليفورنيا كلوزتس" لشركة كبيرة و عمل بها اربع عشرة عاما و خلال ادارته للشركة اصبح لها اكثر من 100 فرع يعمل بنظام حقوق الإمتياز (Franchise). و في عام 1991 و هو في سن الثلاثين باع ما تبقى من شركته بما يزيد على احد عشر مليون دولار.
لقد تطورت الخزانة في السوق الامريكية تدريجيا و اصبحت تتوافق بشكل اكبر مع احتياجات المستخدم بدلا من ان كانت منتجا محدودا في مواصفاته، و لقد اصبح عدد الشركات المتخصصة في امريكا بالمئات حتى ان هناك معرض سنوي متخصص في صناعة الخزائن و ملحقاتها فقط.
انتقلت بعد ذلك "حمى" الخزائن الى بلدان اخرى مثل استراليا و اسبانيا و بريطانيا ثم وصلت منطقة الخليج و تحديدا في المملكة العربية السعودية في اواخر التسعينيات عندما حصلت شركة محلية على حقوق امتياز الشركة الامريكية الآنف ذكرها وغيرت الاسم التجاري من (خزائن كاليفورنيا) الى (الخزائن المبتكرة). الا ان الشركة الامريكية لم تستطع ان تقدم الدعم الفني اللازم للشركة المحلية نظرا لاختلاف المنتج الامريكي عن المحلي و ضحالة مقدرة الشركة الامريكية للتطوير حيث لم يكن لديها قسم متخصص للابحاث و التطوير الامر الذي ادى في النهاية انفصال الشركة السعودية عن الامريكية بإنهاء عقد الامتياز. و جدير بالذكر انه في الوقت الذي كانت فيه الشركة السعودية تتوسع في فروعها و تزداد مبيعاتها كانت الشركة الامريكية بالمقابل يتقلص عدد فروعها و تقل ارباحها بشكل ادى الى تغيير ادارتها مؤخرا.
دأبت الشركة المحلية على تطوير منتجها و تمكنت من احراز نجاح كبير مكنها من التوسع محليا ثم اقليميا الى الامارات العربية المتحدة و البحرين و مؤخرا الى الهند. و قد تكون الشركة السعودية اليوم اكبر شركة متخصصة في الخزائن عالميا لا تعمل ضمن شبكة شركة ذات حقوق امتياز. و تعتبر الشركة رائدة ليس من حيث كونها اول من قدم هذا المنتج محليا بصيغته هذه، بل هي اول من اسس قسم العناية بالزبائن حيث يتم الاتصال بهم للتأكد من جودة المنتج و مستوى الخدمة. كما كانت اول من استخدم نظام تحديد المواقع الالكتروني مع زبائنه لسهولة توريد المنتج الى الموقع.
و لا تزال خزانة الملابس المصممة وفق الطلب تعتبر منتجا نخبويا اذ ان اسعارها اعلى من اسعار الخزائن الجاهزة التي تصنع بكميات تجارية لا تأخذ في الحسبان الاحتياجات الخاصة لكل زبون. الا ان السوق في تطور مستمر حيث ظهر مؤخرا شركات متخصصة تعرض خزائن مصممة وفق الطلب بأسعار منافسة و بالرغم من ان ما تقدمه قد يكون محدودا من حيث التشكيلة فإن بعضها يقدم قيمة جيدة من حيث الجودة و الخدمة و الضمانات مما يساهم في نمو سوق هذا المنتج المتخصص اسوة بما حصل في امريكا. فبالإضافة للشركة الوطنية المؤسسة لصناعة الخزائن المنزلية انتشر محليا و في الخليج عدد من الشركات المتخصصة يقدم بعضها منتجات راقية و جذابة منها ما هو بضمان يصل الى عشر سنوات ويعرض بعضها إمكانية إعادة الخزانة بعد تركيبها في منزل المشتري و استرداد قيمتها في حال لم تحز على رضا الزبون، و في المقابل هناك بعض الشركات التي لا تقدم منتجا ذا قيمة جيدة من حيث الخامات التي تستخدمها و نظام التصنيع و التثبيت. و هذا هو الحال عادة في اسواق المنتجات الاستهلاكية الجديدة التي يجد بعض المستثمرين فيها فرصة لتحقيق ربح سريع احيانا ما يكون على حساب المستهلك الذي قد لا يكون ملما ببعض التفاصيل الفنية و ينقاد للمظهر الخارجي للمنتج او للسعر.
تجدر الاشارة الى ان السوق السعودية نمت بما يقارب 30% في عام 2010 و ما يقارب 25% خلال الربع الاول من لعام الحالي مما يعني انه لا يزال في طور النمو القوي و يتوقع المنتجين الرئيسيين في السوق ان يستمر النمو الكبير في السنوات القليلة المقبلة مدعوما بالمنافسة التي تطور من خلالها المنتج و الخدمة.
يشير معن الجاسر، الرئيس التنفيذي لشركة "الخزائن المبتكرة" الى انه يجب التفرقة بين الخزانة الجاهزة و تلك المصنعة وفق الطلب من ان الاولى منتج تخزيني اقتصادي بينما الأخرى هي في الواقع (مشروع مقاولة) يتميز اولا بجهد تصميمي هندسي خصيصا لموقع محدد و بعمل يدوي حِرفي يؤدي في النهاية الى منتج تخزيني تنظيمي جمالي متوافق مع احتياجات و ذوق المشتري او المستخدم التي عادة ما تصمم لتتناسب مع الغرفة موقع الخزانة، و لذا فهو منتج نخبوي اعلى كلفة و سعرا من الخزانة الجاهزة، الا ان الجاسر يؤكد ان مستوى الاسعار محليا اقل بكثير عما هو عليه في امريكا و اوروبا اذ ان جزء كبيرا من تكلفة الانتاج هو في العمالة التي هي بطبيعة الحال اقل اجرا بكثير من معدلاتها في الدول الغربية. و يضيف الجاسر ان صناعة الخزائن محليا تطورت بشكل اكبر مما هي عليه في كثير من الدول الصناعية.
و عند سؤاله عن عوامل النجاح في هذا السوق اجاب انهم في الشركة حرصوا اولا على رضى المشتري نظرا لاعتماد المنتج على تظافر جهود عدد من العاملين من مصمم و فني تركيب و غيرهم، ثم بمحاولة البلوغ بالانتاج الى معدلات عالية لضمان اقتصاديات الكمية و التي من خلالها انخفضت التكلفة. و يؤكد الجاسر ان ربحية المشروع خلال العام 2010 اي بعد اكثر من 12 عاما من تأسيس الشركة لم تتعدى 3% من المبيعات، كما ان السوق فقدت خلال هذا العام اكبر منافس لها مدللا على شدة المنافسة و تدني الاسعار.
و يتابع الجاسر ان السنوات الماضية استثمرت في تطوير المنتج و الخدمة و ترسيخ اسم الشركة كأفضل مصدر لانظمة التخزين المنزلية، مضيفا ان الشركة تفخر بأنها اول من قدم ضمانا باستعادة الخزانة و ارتجاع قيمتها في حال عدم الرضا التام، و اول شركة تتصل بالزبائن بعد توريد المنتج للتأكد من جودته و حسن اداء العاملين و الفنيين. و بالرغم من ذلك فليس جميع زبائن الشركة لديهم نفس المستوى من الرضا و لكن هناك دائما سعي دؤوب لإرضائهم.
إن نجاح هذه الصناعة محليا دليل على مقدرة المنتج السعودي ان ينافس المنتجات المستوردة من خلال تقديم منتجات مطورة تتماشى مع الاحتياجات الخاصة للسوق المحلية. كما ان نجاح مؤسسيها في الاسواق الخارجية كذلك يؤكد على مقدرة المستثمر السعودي على النجاح عالميا
www.creativeclosets.co
